للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

- أنَّ بعضَ عباراتِهم في هذا التقسيمِ فيها إجمالٌ؛ كنفيِ النظيرِ والشبيهِ؛ فإنَّ المعطِّلةَ - كالمعتزِلةِ (١) ومَن وافَقَهم - يُدخِلُونَ في ذلك نفيَ الصفاتِ.

قولُهم: «إنه واحِدٌ لا يتبعَّضُ، ولا ينقسِمُ»، هو حقٌّ في ظاهرِه، لكنَّهم يُدخِلُونَ فيه أيضًا: نفيَ علوِّه تعالى على خَلْقِه (٢).


(١) المعتزلة: فرقة كلامية ظهرت في البصرة أول القرن الثاني على يد واصل بن عطاء الذي اعتزل مجلس الحسن البصري؛ لابتداعه القول بأن مرتكب الكبيرة لا مؤمن ولا كافر، مخالفًا بذلك قول الحسن وأهل السنة أنه مؤمن لكنه فاسق، وهم طوائف شتى يجمعهم: القول بنفي الصفات، والقول بخلق القرآن، وأن العبد يخلق فعل نفسه، لهم أصول خمسة وهي: التوحيد، والعدل، والمنزلة بين المنزلتين، والوعد والوعيد، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، شرح هذه الأصول شيخهم القاضي عبد الجبار في كتابه: «شرح الأصول الخمسة». ينظر: «مجموع الفتاوى» (٦/ ٣٣٩)، و «تاريخ الجهمية والمعتزلة» للقاسمي (٥٦ - ٥٨) و «المعتزلة وأصولهم الخمسة وموقف أهل السنة منها» لعواد المعتق (١٤ - ١٩).
(٢) يُنظَر في ذلك ما ذكره شيخ الإسلام ابن تيميَّة في «العقيدة التدمريَّة»؛ إذ قال: «فإنَّ عامَّة المتكلِّمين غايتُهم أنْ يَجعَلُوا التوحيدَ ثلاثةَ أنواع؛ فيقولون: هو واحدٌ في ذاتِهِ لا قَسِيمَ له، وواحدٌ في صفاتِهِ لا شبيهَ له، وواحدٌ في أفعالِهِ لا شريكَ له»، إلى أن قال: «النوعُ الثاني - وهو قولُهم: لا شبيهَ له في صفاتِه»، إلى أنْ قال: «ثُمَّ إن الجهميَّة مِنْ المعتزِلة وغيرِهم أدرَجُوا نفيَ الصفاتِ في مسمَّى التوحيد»، إلى أن قال: «النوعُ الثالثُ - وهو قولُهم: هو واحدٌ لا قَسِيمَ له في ذاتِهِ أو لا جزءَ له أو لا بعضَ له؛ لفظٌ مجمَلٌ؛ فإن الله سبحانه أحَدٌ صمَدٌ لم يَلِدْ ولم يُولَدْ ولم يكنْ له كفوًا أحد»، إلى أن قال: «لكنَّهم يُدرِجُونَ في هذا اللفظ: نفيَ علوِّه على عرشِهِ، ومباينتِهِ لخلقِهِ، وامتيازِهِ عنهم»، إلى أن قال: «فقد تبيَّن أنَّ ما يسمُّونه توحيدًا، فيه ما هو حق، وفيه ما هو باطل، ولو كان جميعُهُ حقًّا؛ فإنَّ المشرِكين إذا أقرُّوا بذلك كلِّه، لم يخرُجُوا مِنْ الشرك الذي وصَفَهم به في القرآن، وقاتَلَهم عليه الرسولُ ؛ بل لا بُدَّ أن يَعترِفوا أنه لا إله إلا الله». «التدمريَّة» (ص ١٧٩). وينظر: شرح شيخنا على الموضع السابق في «شرح التدمرية» (ص ٥٠٦).

<<  <   >  >>