للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

وقولُ ابنِ جُزَيٍّ: (واعلَمْ: أنَّ توحيدَ الخَلْقِ للهِ تعالى على ثلاثِ دَرَجاتٍ … )، إلخ:

هذا التقسيمُ للناسِ في التوحيدِ يُشبِهُ ما ذكَرَهُ مِنْ تقسيمِهِ للناسِ في مقصودِهم مِنْ الذِّكْر، وقد تقدَّم التنبيهُ إلى ما فيه، وكذلك نقولُ هنا: إنَّ ما ذكَرَهُ مِنْ تفاضُلِ الناسِ في التوحيدِ صحيحٌ، ولكنَّه سلَكَ في التعبيرِ عن ذلك طريقَ الصوفيَّة؛ إذْ جعَلَهُ ثلاثَ دَرَجاتٍ: توحيدَ العامَّة، وتوحيدَ الخاصَّة، وتوحيدَ خاصَّةِ الخاصَّة.

وفسَّر كلَّ درجةٍ مِنْ هذه الدرجات؛ كما هي عند الصوفيَّة، ولا إشكالَ فيما فسَّر به توحيدَ العامَّةِ، إلا مِنْ حيثُ تخصيصُهُ بالعامَّة.

ولكنْ يُؤخَذُ على المؤلِّف ما فسَّر به الدرجةَ الثانيةَ والثالثةَ مُقِرًّا لهما، وقد تضمَّن كلامُهُ إشكالَيْن:

١ - قولُهُ: (فيَطَّرِحُ الأسباب):

هذا قولٌ مجمَلٌ يَحتمِلُ أمورًا؛ فإنَّ اطِّراحَ الأسبابِ:

أ -إنْ كان لاعتقادِ عدَمِ تأثيرِها، فهذا جَحْدٌ لما تضافَرَتِ الأدلَّةُ العقليَّةُ والشرعيَّةُ على إثباتِه؛ وهو تأثيرُ الأسبابِ في مسبَّباتها (١)؛ وهذا مذهبُ الجهميَّةِ (٢) .......................................


(١) ينظر: «مجموع الفتاوى» (٨/ ١٢١) و (٨/ ١٣٤) و (٨/ ١٣٧) و (٨/ ٤٨٤) و (٨/ ٣٨٩)، و «شرح الأصبهانية» (ص ١٧٢)، و «التدمرية» مع شرح شيخنا (ص ٥٦٢).
(٢) الجهمية: هي طائفةٌ من المتكلمين، تُنسب إلى الجهم بن صفوان، نفت عن الله تعالى الأسماء والصفات وضلت في أبواب أخرى: كالقول بالجبر في القدر، والقول بفناء=

<<  <   >  >>