للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وقوله تعالى: {بِأَمْرِنَا} يُحتَمَل أن يكون الأمْر الشَّرْعي أو الأَمْر الكَوْني، فإن كان المرادُ به الشَّرْعيَّ، فالمعنى: يَهْدُون النَّاسَ بالشَّرْع؛ أي: إليه، وإن كان الأَمْرُ قَدَرِيًّا فالمعنى: أنَّهُم يَهْدونَ ذلك وَيدُلُّونهم بقَدَرِنا وتَقْدِيرنا، والحقيقةُ: أنَّ الأَمْر هنا شاملٌ للمعنيينِ جميعًا.

وقوله رَحِمَهُ اللَّهُ: [{لَمَّا صَبَرُوا} على دينهم وعلى البلاءِ مِنْ عَدُوِّهِم، وفي قراءةٍ بِكَسْرِ اللام وتخفيف الميم] وهي: (لِمَا صَبَرُوا)].

فقوله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى: {لَمَّا صَبَرُوا} لما هذه فيها قراءتان: قراءة: (لِمَا صَبَرُوا)، وقراءة: {لَمَّا صَبَرُواْ}، أما على قراءَةِ: {لَمَّا صَبَرُواْ} فهي بمعنى حينَ، فهي إذن ظَرْف، وأما على قراءة (لِمَا صَبَرُوا) فاللَّامُ حَرْفُ جَرٍّ و (ما) مَصْدَرِيَّة؛ أي: لصَبْرِهم، وتكون اللام هنا لامَ التَّعليل.

وقوله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى: {صَبَرُوا} قال المُفَسِّر رَحِمَهُ اللَّهُ: [على دينهم وعلى البَلاءِ من عَدُوِّهم]، وهذا هو الحق، فيقول: الصَّبْرُ هنا على أحكامِ الله الكَوْنيَّة والشَّرعيَّة؛ فالشَّرعيَّة على دِينِهِم، والكَوْنِيَّة على قوله رَحِمَهُ اللَّهُ: [وعلى البلاءِ مِن عَدُوِّهم].

وقوله رَحِمَهُ اللَّهُ: [{وَكَانُوا بِآيَاتِنَا} الدالَّةِ على قُدْرَتِنا ووَحْدَانِيَّتنا {يُوقِنُونَ}] {وَكَانُوا بِآيَاتِنَا يُوقِنُونَ} الواو حرف عطف، و (كان) معطوفَةٌ على {صَبَرُواْ}، يعني لهذين الأَمْرَينِ: الصَّبْرِ واليقينِ، واليقينُ هو أعلى درجاتِ الإيمان؛ لأنَّ اليقينَ معناه: أنه يقينٌ لا تَزَعْزُعَ معه ولا شَكَّ فيه، وقد قيل: (بالصَّبْر واليَقينِ تُنالُ الإمامةُ في الدِّينِ)، وهي مأخوذَةٌ من هذه الآيَةِ: {لَمَّا صَبَرُوا وَكَانُوا بِآيَاتِنَا يُوقِنُونَ}.

وقوله رَحِمَهُ اللَّهُ: [{وَكَانُوا بِآيَاتِنَا} الدَّالَّة على قُدْرَتنا ووَحْدانِيَّتنا] يَشْمَلُ الآياتِ الشَّرعيَّةَ والكونيَّةَ.

<<  <   >  >>