قوله رَحِمَهُ اللَّهُ: [{قُلْ} لهم {يَتَوَفَّاكُمْ مَلَكُ الْمَوْتِ الَّذِي وُكِّلَ بِكُمْ} أي: بِقَبْضِ أرواحِكُم] {يَتَوَفَّاكُمْ} يَقْبِضُكُم، كما تقول: توفَّيتُ حقِّي من فلانٍ؛ أي: طَلَبْتُه وكذلك استوفَيْتُه؛ أي: قَبَضْتُه على سبيل الوفاء وهو الكمالُ، فمعنى يتوفَّاكُم أي يَقْبِضُكم، والمراد قَبْضُ الأَرْواح.
وقوله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى:{مَلَكُ الْمَوْتِ} مَلَكٌ: مُفْرَد ملائِكَةٍ، أو مُفْرَدُ أَمْلاك، وهو مُشْتَقٌّ من الأَلُوكَةِ بمعنى الرِّسالَةِ، وعلى هذا فأصْلُه مَأْلَكٌ، ثم حُوِّل فقُدِّمَتِ اللَّام وأُخِّرَت الهمزةُ، فكانت (مَلْأَك) ثم خُفِّفَ فحُذِفَتِ الهمزةُ فصار: مَلَكًا؛ ولهذا إذا جُمِع جاءت الهمْزَة فقيل: ملائكة، ولا يقال: مَأَلِكَة؛ لأنَّ فيه إعلالًا بالتَّحويلِ؛ يعني: تقديم وتأخير وهو من الأَلُوكَة؛ أي: الرِّسالة؛ فمَلَكُ الموتِ معناه الذي أَرْسَلَه الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى لقَبْضِ الأرواح؛ كما قال سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى:{تَوَفَّتْهُ رُسُلُنَا وَهُمْ لَا يُفَرِّطُونَ}[الأنعام: ٦١].
وقوله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى:{مَلَكُ الْمَوْتِ} أُضِيفَ إلى الموت؛ لأنه يُميتُ النَّاسَ بإذن الله، فسُمِّيَ مَلَكَ الموت، وقد سُمِّيَ في بعض الآثارِ بعِزْرَائِيلَ، ولكنَّه لم يَصِحَّ