قال تعالى: [{وَيَقُولُونَ} للمؤمنينَ {مَتَى هَذَا الْفَتْحُ} بيننا وبينكم {إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ}] أعوذ بالله! اسْتَبْطَؤُوا العذابَ فقالوا: متى هذا الفَتْحُ؟ وليس المرادُ فَتْحَ مكَّةَ، بل المراد:(الحُكْمُ بيننا؛ بأن تكون العاقِبَةُ لكم أيُّها المؤمنون وعلينا أيُّها الكافرون؛ متى يكون هذا الذي تُوعَدُون به! ! )، فهو كقوله تعالى:{وَيَقُولُونَ مَتَى هَذَا الْوَعْدُ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ}.
وهذا الإستِفْهامُ للإستبطاءِ الدَّالِّ على الإنكارِ، وليس للإسْتِعْلامِ والإسْتِرْشادِ، ولكنَّه استبطاءٌ دالٌّ على الإنكارِ؛ يعني كأنَّهم يقولون: إن كُنْتُم صادقينَ بأنَّكُم على حقٍّ، وأنَّ العاقِبَة ستكون لكم، فأينَ ذلك؟ !
وهذا في غايَةِ ما يكون من العِنادِ - والعياذُ بالله - وكان الواجِبُ عليهم أن يخافوا ممَّا وَعَدَهم به المؤمنونَ، لكن هم لا يُصَدِّقونَ كِبْرًا وعنادًا؛ كما قال الله تعالى:{فَإِنَّهُمْ لَا يُكَذِّبُونَكَ وَلَكِنَّ الظَّالِمِينَ بِآيَاتِ اللَّهِ يَجْحَدُونَ}.
وقوله رَحِمَهُ اللَّهُ: [{قُلْ يَوْمَ الْفَتْحِ} بإنزالِ العذابِ بهم {لَا يَنْفَعُ الَّذِينَ كَفَرُوا إِيمَانُهُمْ وَلَا هُمْ يُنْظَرُونَ}] فيه التفاتٌ من الخِطابِ إلى الغَيْبةِ؛ لمَّا قال:{قُلْ يَوْمَ الْفَتْحِ}