ثم قال: [{أَمْ} بل {يَقُولُونَ افْتَرَاهُ} محمدٌ؟ لا].
{أَمْ} يقول المُفَسِّر إنَّها بمعنى [بل] إذَنْ فهي للإضراب الإنتقاليِّ، وليست للإضراب الإبطاليِّ؛ لأنَّها لم تُبْطِل ما سَبَقَها، ولكنَّها مع ذلك مُضَمَّنةٌ معنى بل والهمزة، وأَصْلها: بل أَيَقُولون افْتَراه؟ والإسْتِفْهامُ في هذه الآية للإِنْكارِ بدليلِ قوله رَحِمَهُ اللهُ:[لا]، يعني أنه ليس مُفْترًى، والإفتراءُ معناه الكَذِب، فمعنى {افْتَرَاهُ} أي: كَذَب بادِّعائِهِ أنَّه من عند الله.
وقوله تعالى:{بَلْ هُوَ} أي: القرآنُ أو الكِتابُ؛ كما عبَّر الله به.
وقوله تعالى:{الْحَقُّ} أي: الثَّابتُ الذي لا يَتَزَلْزَل، وهو الحقُّ المشتَمِلُ على كلِّ خيرٍ.
وقوله تعالى:{مِنْ رَبِّكَ} حالٌ من قوله: {هُوَ} يعني: حالَ كَوْنِه من ربِّك، وتأمَّلْ في الآية الأُولى قال:{مِنْ رَبِّ الْعَالَمِينَ} وهنا قال: {مِنْ رَبِّكَ} لأنَّ الذي اتُّهِمَ بالإفتراءِ هو الرَّسولُ - صلى الله عليه وسلم -، فأراد الله تعالى أن يُبَيِّنَ أنَّ الرَّسولَ - صلى الله عليه وسلم - لا يُمْكِن أن يَفْتَرِيَ الكَذِبَ؛ لأنَّ له من الله ربوبيَّةً خاصَّةً وهي قوله:{مِنْ رَبِّكَ} فالرُّبوبيَّةُ هنا