ثم بيَّنَ الله تعالى من صفاتهم ما بَيَّن بقوله رَحِمَهُ اللَّهُ: [{تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ} تَرْتَفِع] وتَبْتَعِد أيضًا لأنَّ المجافاةَ الإبعادُ، ومنه:"كان النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - يُجَافِي عَضُدَيْهِ فِي السُّجُودِ"(١) يعني: يُبْعِدُهُما عن جَنْبَيْه، فمعناه إذن: الإبعادُ والإرْتِفاعُ، والإرْتِفاعُ يَسْتَلْزِمُ البُعْدَ.
وقوله تعالى:{عَنِ الْمَضَاجِعِ} المضاجِعُ جَمْعُ مَضْجَعٍ، وهو مكان الإضْطِجاعِ والإضطجاع النَّوْمُ؛ يقول المُفَسِّر رَحِمَهُ اللَّهُ:[مَوَاضِعُ الإضْطِجَاعِ بِفُرُشِهَا لِصَلَاتِهِمْ بِاللَّيْلِ تَهَجُّدًا] فلا ينامونَ؛ أي: تتجافى جنوبُهُم عن المضاجِعِ فلا ينامون، ولكنَّ هذا مُقَيَّدٌ بما جاءت به السُّنَّة: أنَّهُم يتَهَجَّدون ليس كلَّ اللَّيلِ، ولكِنِ الزَّمَنَ المَشْروعَ التهَجُّدُ فيه.
وقوله رَحِمَهُ اللَّهُ:{يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفًا} من عِقَابِهِ {وَطَمَعًا} في رَحْمَتِه].
يَدْعُون هذه جُمْلَةٌ حالِيَّة من فاعِلِ {تَتَجَافَى} أو من المضافِ إليه بـ {جُنُوبُهُمْ}
(١) أخرجه الإمام أحمد (٥/ ٣٠)، وأبو داود: كتاب الصلاة، باب صفة السجود، رقم (٩٠٠)، وابن ماجه: كتاب إقامة الصلاة، باب السجود، رقم (٨٨٦)، من حديث أحمر بن جزء - رضي الله عنه -.