ثم بيَّنَ الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى مَنِ المؤمِنُ حقًا، فقال:{إِنَّمَا يُؤْمِنُ بِآيَاتِنَا الَّذِينَ إِذَا ذُكِّرُوا بِهَا}.
قوله تعالى:{إِنَّمَا} أداة حَصْرٍ، حَصَرَتِ الإيمانَ في الذين إذا ذُكِّروا بآياتِ ربِّهم خَرُّوا سُجَّدًا.
وقوله تعالى:{إِنَّمَا يُؤْمِنُ بِآيَاتِنَا} قال المُفَسِّر رَحِمَهُ اللَّهُ: [القرآنِ] وعلى هذا فهي الآياتُ الشَّرْعيَّة، والصَّواب أنها عامَّة حتى الآيات الكونِيَّة كمن ذُكِّرَ بما يفعَلُه الله عَزَّ وَجَلَّ في المكَذِّبين والمُجْرِمين، فإنَّ ذلك داخِلٌ في الآية {بِآيَاتِنَا}.
وقوله رَحِمَهُ اللَّهُ:[القرآن] يقتضي أنَّ هذا القَوْلَ خاصٌّ بهذا الأُمَّة {إِنَّمَا يُؤْمِنُ بِآيَاتِنَا} لأنَّهُم أَهْلُ القرآنِ، ولكِنَّ الأَوْلى أن تُؤْخَذ على سبيل العُمُومِ حتى فيما سبق، قال سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى:{إِنَّ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ مِنْ قَبْلِهِ إِذَا يُتْلَى عَلَيْهِمْ يَخِرُّونَ لِلْأَذْقَانِ سُجَّدًا}[الإسراء: ١٠٧].
وقوله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى:{إِنَّمَا يُؤْمِنُ بِآيَاتِنَا الَّذِينَ إِذَا ذُكِّرُوا بِهَا}: {الَّذِينَ} فاعِلُ {يُؤْمِنُ}، يعني (لا يُؤْمِنُ إلا الذين ... )، والمرادُ الإيمانُ الكامِلُ.