والشرقية، ومالُوا على البلد فقتلوا جميع مَن قدروا عليه من الرجال والنساء والولدان والمشايخ والكهول والشبّان، ودخل كثير من الناس في الآبار وأماكن الحشوش وقِني الوسخ، وكمنوا كذلك أياماً لا يظهرون، وكان الجماعة من الناس يجتمعون إلى الخانات ويغلقون عليهم الأبواب فتفتحها التتار إما بالكسر وإما بالنار، ثم يدخلون عليهم فيهربون منهم إلى أعالي الأمكنة، فيقتلونهم بالأسطحة حتى تجري الميازيب من الدماء في الأزقة، فإنا لله وإنا إليه راجعون.
وكذلك في المساجد والجوامع والرُّبَط، ولم ينج منهم أحد سوى أهل الذمة من اليهود والنصارى، ومَن التجأ إليهم وإلى دار الوزير ابن العلقمي الرافضي.
وعادت بغداد بعدما كانت آنس المدن كلها كأنها خراب ليس فيها إلا القليل من الناس وهم في خوف وجوع وذلّة وقلّة، وهذا الأمر لم يُؤرَّخ أبشع منه منذ بنيت بغداد وإلى هذه الأوقات!.
وقد اختلف الناس في كمية من قُتل ببغداد من المسلمين في هذه الوقعة فقيل: ثمانمائة ألف، وقيل: ألفُ ألفٍ وثمانمائة ألف، وقيل: بلغت القتلى ألفي ألف، فإنا لله وإنا إليه راجعون، ولا حول ولا وقوة إلا بالله العلي العظيم، وما زال السيف يقتل أهل بغداد أربعين يوماً، وقُتل الخليفة