فقد امتن الله علينا بإنزاله القرآن العظيم، فيه شفاء للقلوب من أسقامها، وتزكية للنفوس عن أدرانها، وأنزل مع السنة النبوية تبيانًا له، فلا يشقى من تمسك بهما، ولا يخاف من اهتدى بهما، ولما كان عمود ذلك يقوم على التدبر والتأمل، وإعمال الفكر، وإعادة النظر، حتى يجول القلب في ملكوت الحكمة، فيقتنص من أوابدها، ويغوص لتحصيل دررها وجواهرها، فقد أنكر الله على من أهمل ذلك قائلًا له:{أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآَنَ وَلَوْ كَانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلَافًا كَثِيرًا}[النساء: ٨٢].
واستجابة لأمر الله في التدبر والتأمل في وحيه، والسنة النبوية من وحيه تعالى، فقد عقدت العزم على التأمل والتدبر والاستنباط في بعض الأحاديث النبوية، وقد جمعت من ذلك ما يكون بداية طريق ارتسمته لنفسي، ومن ذلك قراءة حديث الاستخارة والغوص في معانيه، وحداني لذلك أمران:
الأول: تطبيق عملي لمشروعي في استنباطات من السنة النبوية.
الثاني: اختصاص حديث الاستخارة بتعليم النبي - صلى الله عليه وسلم - للصحابة، حتى كأنه يعلمهم السورة من القرآن، وهذا يقتضي الإعادة والتكرار والمدارسة حتى يحفظوه.
ولا شك أن هذا يسترعي الاستغراب، ويستدعي الانتباه إلى وجوده أسرار إيمانية اختص بها دعاء الاستخارة من غيره من الأدعية.