دل الحديث بمفهومه على أن الاستخارة لا تشرع عند الخواطر؛ والأفكار التي تسبق للذهن، والتي لا يكاد يسلم منها أحد غالبًا، لقوله في إحدى روايات الحديث:(إذا أراد أحدكم الأمر).
فالهمّ المطلق في الرواية الأولى بينته الإرادة في الرواية الثانية، ويخرج عن ذلك الخواطر، ولهذا لم يثبت أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يستخير في كل ما خطر له، وإنما تشرع الاستخارة فيما يستدعي ذلك.
[الفائدة الثالثة]
الاستخارة في الحديث تشمل حالتين، هما:
الحالة الأولى: طلب الخير في الأمر، وهذا مأخوذ من معناها اللغوي، فإن:
الاستخارة لغة: طلب الخير في الشيء (١).
فعلى هذا كل من تردد وأراد طلب الخير في أمر من الأمور؛ فعليه بصلاة الاستخارة؛ لأن هذا مقتضي معناها اللغوي، ويؤيده أيضًا قوله - صلى الله عليه وسلم -: (إذا هم) والهم يشعر بالتردد.
الحالة الثانية: تشمل أيضًا إذا أراد الإنسان فعل أمر ما، لقوله - صلى الله عليه وسلم - في الحديث:(إذا أراد أحدكم).
وعلى هذا فعلى من أراد فعل أمر من الأمور فعليه أيضًا أن يستخير الله قبل فعله، والفرق بين الحالتين يظهر في حال التردد وعدمه.
فالحالة الأولى: يكون مترددًا في فعل أمر؛ لأنه لا يعلم هل يكون فيه الخير أم لا؟
والحالة الثانية: ليس مترددًا في الفعل، لكنه يريد الاستخارة أيضًا.