بينهم تعذيب النفس، والامتناع عن المباحات وتحريمها على النفس، وهذا لم يُنزل الله به من سلطان، وهو أقرب إلى رهبانية النصارى التي ابتدعوها كما قال تعالى:{ثُمَّ قَفَّيْنَا عَلَى آثَارِهِمْ بِرُسُلِنَا وَقَفَّيْنَا بِعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ وَآتَيْنَاهُ الْإِنْجِيلَ وَجَعَلْنَا فِي قُلُوبِ الَّذِينَ اتَّبَعُوهُ رَأْفَةً وَرَحْمَةً وَرَهْبَانِيَّةً ابْتَدَعُوهَا مَا كَتَبْنَاهَا عَلَيْهِمْ إلا ابْتِغَاءَ رِضْوَانِ اللَّهِ فَمَا رَعَوْهَا حَقَّ رِعَايَتِهَا فَآتَيْنَا الَّذِينَ آمَنُوا مِنْهُمْ أَجْرَهُمْ وَكَثِيرٌ مِنْهُمْ فَاسِقُونَ}[الحديد: ٢٧].
والرهبانية هي: غلوهم في العبادة؛ وحمل المشاق على أنفسهم؛ في الامتناع عن المطعم والمشرب والملبس والنكاح والتعبد في الجبال (١).
فجعلت الشريعة المؤمن مُطالبٌ بإصلاح دينه؛ وإصلاح دنياه معًا، وذلك لا تعارض بينه؛ كما لا تعارض بين التقوى والزهد؛ وكلاهما من أجلِّ أعمال القلوب.
[الفائدة السابعة والخمسون]
حديث الاستخارة يدل على منهج أهل السنة والجماعة في باب القدر، وأن الله كتب كل شيء وقدره.
فقوله:(وأستقدرك بقدرتك) تشمل قدرة الله على كل شيء، وهذا لا يكون إلا مع إيمان كامل بأن كل شيء بقدر.
[الفائدة الثامنة والخمسون]
كما يدل دعاء الاستخارة على أنه لا يكون شيء إلا بقدر الله، وهذا أيضًا من منهج أهل السنة والجماعة.
وهذا يعود على سلوك المؤمن بالطمأنينة والثبات، والرضا بما يقدره الله، فكل شيء هو بقضاء الله وقدره، ولا يكون شيء إلا بقضاء الله وقدره.