فهو يحصر القوة والقدرة لربه، ويتبرأ من حوله وقوته إلا فيما أقدره عليه ربه، وهذا هو المعنى العملي لقولنا: لا حول ولا قوة إلا بالله، والأذكار الشرعية يفسر بعضها بعضًا.
وفي رواية أبي سعيد الخدري - رضي الله عنه - -في دعاء الاستخارة في آخره- يقول في دعائه:(ولا حول ولا قوة إلا بالله).
والعبد إذا استحضر هذا المعنى أثناء دعائه؛ عاد عليه أثر ذلك؛ فيدعو ربه دعاء من علم أنه ليس له قوة؛ ولا قدرة؛ ولااستطاعة على شيء، وأرجع كل ذلك إلى ربه، فقد حقق معاني التوحيد لله؛ والتعظيم له؛ والافتقار إليه.
[الفائدة الخامسة والأربعون]
الملاحظ أنه في بداية الدعاء قدّم العلم على القدرة فقال:(أستخيرك بعلمك وأستقدرك بقدرتك) لكنه في وسط الدعاء عكس الأمر؛ فقدم القدرة على العلم فقال:(إنك تقدر ولا أقدر وتعلم ولا أعلم) وذلك:
لأنه قال:(أسألك من فضلك العظيم) وفضل الله لا يقدر عليه إلا الله؛ فلهذا قال بعدها:(فإنك تقدر ولا أقدر) فقدم القدرة لتعلقها بتحصيل الفضل.
أما في بداية الدعاء فقد قدم العلم على القدرة لأنه أسبق في الوجود، فطلب من ربه العليم أن يقدره على الأمر الذي يستخير فيه.
[الفائدة السادسة والأربعون]
في حديث الاستخارة حسن الاستهلال في الدعاء، فيقدم الداعي لربه بين يدي دعائه مقدمة يثني فيها على الله؛ ويعترف بتقصيره وجهله، ويُرجعُ الأمر كله لله، أو يذكر حاله