فالحديث يدل على الاستخارة في الحالتين كليهما، والله أعلم.
[الفائدة الرابعة]
ظاهر الحديث يدل على أن الاستخارة تشمل الأمور الواجبة والمستحبة والمباحة، وليس المراد الاستخارة في أصل فعلها، وإنما في أمور أخرى تتعلق بالأمر الواجب كوقت فعله وطريقة أدائه، أو عند تزاحم الواجبات والمستحبات، وهكذا، فليس من الضرورة أن تكون الاستخارة في أصل أداء الفعل الواجب حتى تُمنع، وعموم الحديث (إذا أراد أحدكم الأمر) يؤيد ذلك حيث أطلق الأمر، وقد سبق بيانها في المسائل الفقهية.
[الفائدة الخامسة]
علق الحديث الاستخارة بالهم، وبينه في الرواية الأخرى أنه الهم الذي يقارن الإرادة ويسبقها، وهذا يدل على طرح ما عدا ذلك من الخواطر.
وهذا يربي المسلم على عدم الانسياق وراء الخواطر؛ والأفكار التي ترد على الذهن، ولهذا لم يشرع لها الاستخارة، وكم تسببت هذه الخواطر من وسوسة، وضياع للأوقات وإشغال للذهن، فلو أهملها الإنسان كما أهملتها الشريعة لسلم له دينه ودنياه.
[الفائدة السادسة]
يدل الحديث بمنطوقه على تعليم النبي - صلى الله عليه وسلم - للصحابة سور القرآن؛ حتى صار غيرها يقاس عليها من حيث الأهمية وعدمها، ولهذا قال الراوي:"كما يعلمنا السورة من القرآن" فدل على فشو ذلك بينهم وانتشاره، وهي سمة المجتمع المسلم في تعلمه القرآن وتعليمه للناس، وفيها تنبيه إلى نشر مدارس تعليم القرآن على وجه الخصوص.