ولو مات المكاتب وخلف وفاء كتابته, قام ورثته مقامه في أداء باقي مال الكتابة. وهل يصير ذلك حالا بموته أم لا؟ الظاهر من القول عنه: أنه على نجومه. ووجه آخر: أنه يصير حالا في ماله بعد موته؛ لأنه سئل عن الرجل يموت أو يفلس يحل دينه؟ قال: إذا وثق له الورثة فهو أحب إلي, وإذا أفلس لم يحل دينه, الموت أحرى أن يحل دينه, ففرق بين الموت والإفلاس, وقطع أن الإفلاس لا يحل ما عليه من دين مؤجل أو منجم, وأن بالموت أحرى أن يحل, وهذا هو الصحيح عندي.
فعلى هذه الرواية: يؤخذ باقي مال الكتابة من تركته حالا, وما يبقى فلورثته إن كانوا ممن يحوز جميع المال. وإلا كان لهم منه بقدر الفرض, ثم الباقي للسيد بالولاء.
وقد روي عنه رواية أخرى: إذا مات المكاتب قبل الأداء, فهو عبد وميراثه للسيد. وإن كان له ولد من أمة كان رقيقا, وإن كان له ولد من حرة كان حرا, ولا ميراث منه, وماله للسيد.
وإن لم يترك وفاء بباقي كتابته, وكان قد أدى الأقل منها, فهو عبد قولا واحدا. وما ترك من مال وولد من أمة فللسيد, وإن كان قد أدى أكثر مال الكتابة, ولم يترك وفاء بباقيها, فهل يكون عبدا وولده رقيقا, أم لا يرجع أولاده إلى الرق ويسعون في أداء باقي مال الكتابة وهم أحرار؟ على وجهين: أحدهما: أنه يصير حرا, ويكون ولده رقيقا بناء على قوله: إن المكاتب عبد ما بقي عليه درهم. والوجه الآخر: أن أولاده لا يعودون إلى الرق بل يسعون في أداء باقي مال المكاتبة وهم أحرار؛ لأن المكاتب إذا أدى أكثر مال الكتابة ثم عجز, لم يكن عنده في حكم من لم يؤد شيئا, ولا في حكم من أدى الأقل منها في إحدى الروايتين عنه؛ لأنه قال في المكاتب الذي لم يؤد شيئا من مال كتابته: يجوز عتقه عن الواجب. وإذا كان قد أدى من كتابته النصف أو الثلثين لم يعجبه أن يعتق عن الواجب, وإن فعل لم يجزه. وقد صرح في موضع آخر أنه إذا أدى الأكثر من مال الكتابة, لم يرد إلى الرق.