وأما البغل: فهو متولد من الحمار فيكون مثله، وقيل: الشك في طهارته، وروى الكرخي عن أصحابنا: أن سؤرهما نجس.
فإن قلت: القاعدة في تعارض الخبرين: اللذين أحدهما محرم والآخر مبيح: أن يغلب المحرم على المبيح، ولم يغلب المحرم على المبيح ها هنا؟
قلت: نعم لكن لم يفعل ها هنا مثل ذلك للضرورة، لما أن الحمير تربط في الأفنية، ويحتاج إليها للركوب والحمل، وتشرب في الآنية.
فإن قلت: كيف يطلق الشك على حكم من أحكام الشرع، والشارع لا يخفى عليه شيء؟
قلت: هذا بالنسبة إلينا، وأما بالنسبة إلى الشارع فالأشياء كلها مبينة لا شك فيها ولا خفاء. وأما لبن الحمار: فقد نص أنه طاهر، وفي شرح الجامع الصغير لفخر الإسلام: أن لبن الأتان طاهر ولا يؤكل، وفي ظاهر الرواية: أن لبنها نجس.
قوله:(فإن لم يجد غيره) أي غير سؤر البغل والحمار (يتوضأ به ويتيمم) ليخرج عن العهدة بيقين، وأيهما قدم جاز.
وقال زفر: لابد أن يتوضأ أولاً، ثم يتيمم، ليكون عادماً للماء حقيقة.
قلنا: المقصود دخول الطهارة بيقين، فيجب الجمع دون الترتيب والله أعلم.