أقول: لما فرغ عن بيان الحج، شرع في بيان الجهاد، على التناسب الذي في خطبة الكتاب، ويسمى هذا كتاب السير أيضاً، وهو مصدر: جاهد.
قوله:(هو) أي الجهاد (فرض كفاية وإن لم يبدأ الكفار بالقتال) لقوله تعالى: {وَقَاتِلُوا الْمُشْرِكِينَ كَافَّةً}[التوبة: ٣٦].
فإذا حصل من البعض: سقط عن الباقين، كصلاة الجنازة، ودفن الميت، ورد السلام، وكانت الصحابة يغزو بعضهم ويقعد البعض، ولو كان فرض عين لما قعدوا.
قوله:(ولا جهاد على امرأة، وعبد، وأعمى، ومقعد، وأقطع) لقوله تعالى: {لَيْسَ عَلَى الأَعْمَى حَرَجٌ}[الفتح: ١٧]، نزلت في أصحاب الأعذار حين اهتموا بالخروج مع النبي صلى الله عليه وسلم لما نزلت آية التخلف.
قوله:(إلا إذا هجم العدو) فحينئذ يكون الجهاد فرض عين، تخرج المرأة والعبد بلا إذن زوجها وسيده.
قوله:(ويقدم طلب الإسلام) يعني إذا حاصر أهل الإسلام الكفار: يدعونهم إلى الإسلام أولاً، لما روي عن ابن عباس أنه قال:"ما قاتل رسول الله صلى الله عليه وسلم قوماً قط إلا دعاهم" رواه أحمد.