(ثم أخالف إلى رجال) أي آتيهم من خلفهم، وقيل: أتخلف عن الجماعة وأذهب إليهم، أي أخالف المصلين قاصدا إلى بيوت رجال. والتقييد بالرجال يخرج النساء والصبيان.
(فأحرق عليهم بيوتهم)"أحرق" بتشديد الراء المكسورة للمبالغة في التحريق بالنار.
(عرقا سمينا) بفتح العين وسكون الراء هو العظم الذي عليه قليل اللحم.
(أو مرماتين حسنتين)"أو" للتنويع، لا للشك، والمرماة بكسر الميم، وقد تفتح، هي ظلف الشاة، أو ما بين ظلفيها من اللحم وقيل: اسم سهم يرمى به في الصيد، والمقصود به الخسيس الحقير من متاع الدنيا.
-[فقه الحديث]-
يشير الحديث إلى صلاة الجماعة، والتشديد في الأمر بها، والتخويف من التهاون فيها، أما فضلها فقد وردت فيه أحاديث كثيرة، وأنها أفضل من صلاة الفرد بخمس وعشرين -أو سبع وعشرين -درجة.
وأما حكمها ففيه أربعة مذاهب:
الأول: أنها فرض عين وشرط لصحة الصلاة، فلا تصح الصلاة بدونها إلا لعذر، وهو مذهب داود الظاهري، ورواية عن أحمد، ودليلهم ظاهر التهديد في الحديث، وهو عقوبة لا يعاقب بها إلا الكفار.
وهذا المذهب أضعف المذاهب وأبعدها عن الصواب.
المذهب الثاني: أنها فرض عين، وليست شرطا لصحة الصلاة فتصح الصلاة بدونها مع الإثم، وهو مذهب عطاء والأوزاعي وأحمد وجماعة من محدثي الشافعية، كأبي ثور وابن خزيمة وابن المنذر، ودليلهم دليل الأولين ... وقالوا: لو كانت فرض كفاية لكان قيام النبي صلى الله عليه وسلم بها كافيا، ولو كانت سنة لما هدد تاركها بالتحريق، كما استدلوا على فرضيتها بصلاة