الصدوق، وغير ذلك مما وردت به الأحاديث، وذكر المتحابين في الله لا يجعل العدد ثمانية، لأن المقصود هنا عدد الخصال لا عدد المتصفين بها. والأحكام والأوصاف الواردة بالحديث تشمل جميع المكلفين، من الرجال والنساء، فذكر الرجال فيه جرى على الغالب، لأن النساء يشتركن معهم فيما ذكر، نعم لا يدخلن في الإمامة العظمى، أما إذا كن ذوات عيال فعدلن في عيالهن، فيدخلن في الإمامة، إذ لا تقتصر الإمامة على الإمام الأعظم بل تشمل أولا وبالذات الإمام الأعظم، ويلحق به من ولي شيئا من أمور المسلمين فعدل فيه، حتى الرجل بين أولاده، والمدرس في فصله، لحديث "إن المقسطين عند الله تعالى على منابر من نور، عن يمين الرحمن، الذين يعدلون في حكمهم، وأهليهم، وما ولوا" رواه مسلم، وإنما قدم الإمام العادل على ما بعده لعموم نفعه، وكثرة مصالحه، فالإمام العادل، يصلح الله به أمورا عظيمة ويقال: ليس أحد أقرب منزلة من الله تعالى بعد الأنبياء عليهم السلام من إمام عادل.
وإنما خص الثاني من السبعة بالشاب لأن العبادة من الشباب أشد، لغلبة الشهوة، وكثرة الدواعي لطاعة الهوى، فملازمة العبادة حينئذ أشد وأدل على غلبة التقوى، وفي الحديث "يعجب ربك من شاب ليس له صبوة".
والمقصود من قوله "اجتمعا عليه وتفرقا عليه" أن الحب تمكن في قلب الرجلين تمام التمكن من أجل الله تعالى لا لغرض دنيوي، فقد التقيا عليه وسرى في دمائهما، سواء اجتمعا بأجسادهما حقيقة أم لا، وسيستمر ذلك الحب حتى يفرق بينهما الموت، دون أن يقطعاه لأي غرض من الأغراض الدنيوية. فهذه الجملة تفيد استمرارهما على المحبة لأجل الله. وقد قيل في علامته: الحب في الله لا يزيده البر ولا ينقصه الجفاء.
وقوله {إني أخاف الله} يحتمل أن يكون بلسانه زجرا لنفسه عن الفاحشة أو بقلبه لزجر نفسه عن الوقوع في حبال تلك المرأة, وقد وصفها بأكمل الأوصاف، التي جرت العادة بزيادة الرغبة فيمن يتجمل بها، ليشعر برفعة شأن ذلك الرجل، وأنه على جانب كبير من التقوى والخوف والحياء من