أفعال الله تعالى لا تخلو من الحكمة والمؤمن يتدبر ويفكر ويلتمس الحكمة ليزداد إيمانا ويقينا ومما لا شك فيه أن الله هو الذي خلق الشمس والقمر والأرض والكواكب {وكل في فلك يسبحون} وأنه وحده هو الذي يجريها في أفلاكها وكان قادرا على ألا يحجب أحدها الآخر أو أن لا يصل ضوؤها إلى الآخر وأن لا يغيب ضوء أحدها عن الآخر {تَبَارَكَ الَّذِي جَعَلَ فِي السَّمَاء بُرُوجاً وَجَعَلَ فِيهَا سِرَاجاً وَقَمَراً مُّنِيراً وَهُوَ الَّذِي جَعَلَ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ خِلْفَةً لِّمَنْ أَرَادَ أَن يَذَّكَّرَ أَوْ أَرَادَ شُكُورا}{قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِن جَعَلَ اللَّهُ عَلَيْكُمُ اللَّيْلَ سَرْمَداً إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ مَنْ إِلَهٌ غَيْرُ اللَّهِ يَأْتِيكُم بِضِيَاء أَفَلَا تَسْمَعُونَ قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِن جَعَلَ اللَّهُ عَلَيْكُمُ النَّهَارَ سَرْمَداً إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ مَنْ إِلَهٌ غَيْرُ اللَّهِ يَأْتِيكُم بِلَيْلٍ تَسْكُنُونَ فِيهِ أَفَلَا تُبْصِرُونَ وَمِن رَّحْمَتِهِ جَعَلَ لَكُمُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ لِتَسْكُنُوا فِيهِ وَلِتَبْتَغُوا مِن فَضْلِهِ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُون}{هُوَ الَّذِي جَعَلَ الشَّمْسَ ضِيَاء وَالْقَمَرَ نُوراً وَقَدَّرَهُ مَنَازِلَ لِتَعْلَمُوا عَدَدَ السِّنِينَ وَالْحِسَابَ مَا خَلَقَ اللهُ ذَلِكَ إِلاَّ بِالْحَقِّ يُفَصِّلُ الآيَاتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ}
فإذا علم أهل الهيئة والفلك وقت الكسوف وزمنه وحسبوا له حسابه فليقل من علم سبحان من علم وإذا قالوا إنه أمر طبيعي عادي كالمد والجزر في البحر فليقولوا سبحان من خلق الأجرام وأودع فيها قوانينها وأسبابها ومسبباتها وهو قادر على تغيير هذه القوانين وإبطالها
ومن هنا يجب على الإنسان كإنسان بصفة عامة وعلى المؤمن بالخالق والمسلم بصفة خاصة أنه يتدبر هذه الظاهرة ويتخذ منها عبرة ويندفع بها إلى زيادة الإيمان بالله وبعظيم قدرته وإلى شكره جل شأنه فإن الكسوف ذهاب نعمة وإنما يعرف فضل النعم عند ذهابها ويندفع بذهابها أو حجبها إلى زيادة المراقبة والخوف من الله تعالى وقد شاء الله حدوث الزلازل والبراكين والعواصف والصواعق والكسوف لإيقاظ الغافلين وتخويف من بعدوا عن الاتعاظ وقست قلوبهم وصدق الله العظيم حيث يقول {وَمَا نُرْسِلُ بِالآيَاتِ إِلاَّ تَخْوِيفاً} وحيث يقول {ذَلِكَ يُخَوِّفُ اللَّهُ بِهِ عِبَادَهُ} وكيف لا يخاف