قال:«من دخل مكة فتواضع لله، وآثر رضاه على جميع أموره، لم يخرج من الدنيا حتى يغفر له». هذا أظنه موضوع على الجندي. اهـ.
قلت: وهو في كتابنا برقم (٤٣) عن الجندي بهذا الإسناد، ولما نظر الذهبي في كتاب "الأربعين" لابن مسدي، ورأى هذا الحديث بإسناد ليس فيه من يحمل عليه غير المغيرة كما صرح بذلك في "ذيل ديوان الضعفاء" فقال: أتى بحديث موضوع، اتهمته به، وتبعه الحافظ العسقلاني وغيره، فقال: روى حديثا موضوعا الحمل فيه عليه؛ والذهبي رحمه الله معروف عنه الإنصاف والتحري، والظاهر أنه لم يعلم أنه حدث به أيضا في كتاب فضائل مكة للجندي، أو لم يطلع عليه، ولم يعلم للحديث مخرجا أخر يرفع التهمة به عن المغيرة، فحمل عليه، وألقى بالتبعة على المغيرة.
قلت: والأمر غير ذلك، فالمغيرة بن عمرو يحدث عن الجندي بكتابه هذا، وبكتاب السنن لأبي قرة موسى بن طارق الجندي أيضا، قد تلقاه أئمة ولم يطعن في روايته أحد، ولم أجد من تكلم فيه، وترجمته عزيزة، ولو عرف عنه أنه يختلق في مسموعاته لتحدثت بهذا الركبان، وطعنوا في مروياته، واتقى الناس تحمل روايته لتلك المصنفات المشهورة التي يحدث بها عن بعض الكبار، والرجل يؤدي ما تحمل من كتب وعرف عنه ذلك، بل إن ابن الجوزي أخرج من طريق المغيرة في الموضوعات، وأتهم غيره في الإسناد، ولم يرو في روايته لكتاب الفضائل هذا حديثا سنده صحيح ثم يتفرد به أو ليس له أصل، وما تفرد به من أحاديث ضعيفة