للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

أسماء قالت: صَنَعْتُ سُفْرَةَ النبيّ، -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، في بيت أبى بكر حين أراد أن يهاجر إلى المدينة. قالت: فلم نجد لِسُفْرَتِه ولا لسقائه ما نربطهما به فقلت لأبى بكر والله ما أجد شيئًا أربطه به إلا نطاقى. قال: فَشُقِّيه باثنين فاربطى بواحدٍ السقاء وبالآخر السفرة. ففعلت فلذلك سمّيت ذات النِّطَاقَين (١).

أخبرنا أبو أُسامة، حدّثنا هشام بن عروة عن أبيه أنّ أهل الشأم كانوا يقاتلون ابن الزبير ويصيحون به يابن ذات النطاقين، فقال ابن الزبير: تلك شَكَاةٌ ظَاهِرٌ عَنْكَ عَارُها. فقالت له أسماء: عيّروك به؟ قال: نعم. قالت: فهو والله حقّ.

أخبرنا أبو أُسامة، حدّثنا هشام بن عُرْوَة، عن أبيه، عن أسماء بنت أبى بكر قالت: تزوّجنى الزبير وما له في الأرض مال ولا مملوك ولا شيء غير فَرَسِهِ. قالت فكنت أعلف فرسه وأكفيه مَئُونته وأسوسه وأدقّ النوى لِنَاضِحه (٢)، وأَعْلِفه، وأسقيه الماء، وأخرز غَرْبَه (٣)، وأعجن ولم أكن أحسن أخبز فكان يخبز جارات لى من الأنصار وكُنّ نِسْوَةَ صِدْقٍ. قالت: وكنت أنقل النوى من أرض الزبير التى أقطعه رسول الله على رأسى وهى على ثلثى فرسخ. قالت: فجئت يومًا والنوى على رأسى فلقيت رسول الله ومعه نفر من أصحابه فدعا لى ثمّ قال: إخْ إخْ (٤)، ليحملنى خلفه، فاستحييت أن أسير مع الرجال وذكرت الزُّبَيْرَ وغَيْرَتَه. قالت وكان من أغير الناس. قالت: فعرف رسول الله أنى قد استحييت فمضى، فجئت الزبير فقلت: لقينى رسول الله وعلى رأسى النوى ومعه نفر من أصحابه فأناخ لأركب معه فاستحييت وعرفت غيرتك. فقال: والله لحَمْلك النوى كان أشد عليّ من ركوبك معه. قالت: حتى أرسل إليّ أبو بكر بعد ذلك بخادم فكَفتنى سياسةَ الفَرَس فكأنّما أعتقنى (٥).


(١) أورده ابن حجر في الإصابة ج ٧ ص ٤٨٧ نقلًا عن ابن سعد.
(٢) تحرف في ل وطبعة صادر إلى "الناضحة" وكذلك تحرف في طبعة التحرير إلى "الناضجة" وصوابه من ث، ح، ر، وسير أعلام النبلاء وتاريخ الإسلام ومختصر تاريخ دمشق لابن منظور والناضح: البعير يستقى عليها.
(٣) الغرب: الدَّلو العظيمة.
(٤) يقال للبعير (إخْ) إذا زُجِر ليبرك.
(٥) أورده ابن عساكر في مختصر ابن منظور ج ٥ ص ١٤٠، والذهبى في تاريخ الإسلام وفيات سنة ٩٣، وسير أعلام النبلاء ج ٢ ص ٢٩٠.