الجواب الآخر: هو أن المسافر لو لم يخف العطش، وخاف استعمال الماء لحدوث مرض فإنه يتيمم، فلم يلزم ما ذكروه.
ووجه قول مالك في الرواية الأخرى أنه لا يتيمم إلا عند خوف التلف ما ذكرته من الحجاج للمخالفين، والله أعلم.
وقد تضمن حجاجنا فيما مضى من الكلام على عطاء والحسن فتؤخذ من خبر عمرو بن العاص حين ولاه النبي ﵇ الغزاة، وأنه تيمم لما خاف التلف، وأخبر النبي ﵇ بذلك، فقال له:«أصليت بالناس وأنت جنب؟» فاحتج بالآية، فتيمم مع وجد الماء، ولم ينكر عليه، ولا أمره بالإعادة.
وبما ذكرناه أيضا من تغيير الفروض بلحوق المشقة وإن لم يخف معها التلف، مثل الصائم يفطر وإن لم يخف التلف إذا كان مريضا يخاف الصوم، ومثل صلاته جالسا وإن لم يخف التلف من القيام، ومثل ما ذكرناه من قطاع الطريق وترك الخروج إلى الحج، والسعي إلى الجمعة، ففيه كفاية، والله التوفيق.
وما قاله محمد وأبو يوسف من أنه وإن كان مقيما تيمم وصلى وأعاد تكون الحجاج عليه ما احتججنا به على الشافعي في الحاضر إذا عدم الماء فتيمم وصلى؛ لأنه قد أدى ما كلف ووجب عيه من التيمم والصلاة، وكل من صلى على ما أمر به سقط فرضه ولم تجب عليه الإعادة، والله أعلم.