والدليل لقولنا: قوله - تعالى -: ﴿إذا قمتم إلى الصلاة فاغسلوا وجوهكم وأيديكم إلى المرافق وامسحوا برءوسكم وأرجلكم إلى الكعبين﴾ إلى قوله: ﴿وإن كنتم جنبا فاطهروا﴾، فأمر - تعالى - بغسل الأعضاء وبطهارة جميع البدن في الجنابة، ولم يذكر بأي شيء يغسل ويتطهر، فلما قال: ﴿فلم تجدوا ماء﴾ علمنا أنه أراد غسل جميع ذلك بالماء، وعلمنا أن بعدم ما كيفي غسل ما تقدم ذكر يجب الغسل، ومن معه ماء كفي لبعض ما أمر بغسله فإنه غير واجد لما يكفي ما تقدم ذكره، فوجب عليه التيمم؛ لأنه بدل الماء المقصود به غسل جميع الأعضاء.
فإن قيل: السؤال عليكم من هذه الآية من وجوه:
أحدها: أن الله - تعالى - لو أراد عدم ما يكفي جميع تلك الأعضاء التي قدم ذكرها لعرفه بالألف اللام، فقال: فلم تجدا الماء؛ لأن إعادة المذكور كذا يكون معرفا، فلما قال: ﴿فلم تجدوا ماء﴾ ونكره كان شائعا في كل ماء، قليلا كان أو كثيرا.
والسؤال الثاني: هو أنا لا نخالفكم في وجوب التيمم، وإنما خلافنا في الماء القليل قبل التيمم.
والثالث: أن الآية حجة لنا، والمعنى فيه: فلم تجدوا ماء أصلا، فإنه غير قادر على استعماله أصلا، فلهذا يكون فرضه