فإن قيل: لما كانت المعتدة متى قاربت حد الإياس، وقد اعتدت بقرء، ثم خرجت بعده من الحيضة إلى الإياس فإنها تعتد بالأشهر، فتكون جامعة بين البدل والمبدل منه فكلك لا يمتنع أن يكون الذي يجد بعض ما يكفيه لوضوئه جامعا بين البدل والمبدل منه.
فإن قيل: هذا مع أنه دعوى منتقض بالذي يقدر على نصف رقبة ولا يقدر على باقيها؛ فإنه لا يلزمه عتق نصف رقبة وصيام شهر، وكذلك لو عجز عن الرقبة وقدر على إطعام ثلاثين مسكينا وعلى صيام شرهي لم يلزمه الجمع بينهما.
ومع هذا فإن العدة بالشهور ليست بدلا، بل هي أصل في نفسها، والحيض أصل في نفسه، والوضع من الحمل أصل في نفسه. فالعدة بالأقراء لمن عادتها الحيض، والعدة ثلاثة أشهر لمن لم تحض واليائسة من الحيض، والوضع للحامل، وأربعة أشهر وعشرة أيام للمتوفى عنها زوجها، وليست واحدة من ذلك بدلا عن الأخرى.
وعلى أن التي حاضت حيضة لم تقطع على عدتها في الابتداء، ولو تيقنت عدتها لعملت عليها، فهي تعمل على الظاهر، ولا تقطع على حقيقة ذلك إلا بعد انقضائه. فعروض مسألتنا أن يكون من معه ماء قليل يغلب علة ظنه أنه يكفيه، ثم لا يكون كذلك فإنه يعدل إلى التيمم الذي هو بدل، ولو تحقق من أول أمرة أنه لا يكفيه لم يجب عليه استعماله ووجب التيمم الذي هو بدل.