أحدهما: أنه لم ينقل أنه والى وتابع، وإذا لم يكن في الخبر هذا لم يصح الحجاج به؛ لأنَّه حكاية فعل يجوز أن يكون وقع على الوجه الذي ذكرتموه، ويجوز أن يكون وقع على غير ذلك الوجه، فإذا لم يعلم على أي وجه وقع لم يصح الحجاج به.
على أن لو صح أنه والى لم تكن فيه دلالة، لأن قوله:«هذا وضوء»، إشارة إلى الأفعال، والموالاة من صفات الفعل، وليست من أفعال الوضوء، فيقتضي أن لا يقبل الله الصلاة إلا بتلك الأفعال، لا بأفعالٍ صفاتها تلك الصفات.
قيل: أما قولكم: ليس في الخبر أنه والى وتاعن فعليه جوابان: أحدهما: أننا قد روينا في خبر أنه توضأ متوالياً.
والجواب الآخر: هو أنه لا يجوز أن يظن ﵇ غير ذلك؛ لأن التفريق لغير عذر يخرج على طريق اللعب في الدين، وهذا مثله لا يظن به، وإنما يُظهر لنا ما يفعله لِيَسُنّ فَيُتَّبَع، ويُقتدَى به في فعله، ولا يجوز أن يُظن به أنه غسل وجهه بالغداة، وتمم وضوءه عند الظهر، لأن من يرى فعله الثاني يظن أن هذا القدر من الأعضاء يجزئ في الوضوء.
وقولكم: إنه أشار إلى الأفعال، والموالاة من صفة ألفعال فإننا نقول: إنه إذا فعل فعلاً على صفة ثم أشار إليه، وقعت الإشارة إلى ذلك الفعل على صفته إلا أن تقوم دلالة.
فإن قيل: يحتمل أن يكون ﵇ فعل ذلك في الوقت المضيق، الذي لو أخر الطهارة أو بعضها حتى خرج الوقت لم يجز، وهذا الوقت لا يمكن فيه إلا الموالاة، فأما إذا كان الوقت متسعاً، أو لم يدخل جازت التفرقة.