فإن قيل: فإنا نستعمل الأخبار كما استعلمتم، على الرواية التي رواها أبو يوسف عن أبي حنيفة، من جواز الاستدبار في الصحارى والبنيان، والمنع من الاستقبال في الصحارى والبنيان.
قيل: قد بينا الفرق بين الصحارى والبنيان؛ لأن الصحارى لا تخلو من مصل، فلا ينبغي أن يرى فرج الإنسان ولا دبره، والبنيان ليس كذلك، واستعمال الجميع من الاستقبال والاستدبار يجوز في البنيان لما ذكرناه، ويمتنع في الصحارى لما ذكرناه.
واستعمالنا أولى من وجه آخر؛ وهو أنه يضيق على الناس في الأبنية أن تكون مراحيضهم غير مستقبلة القبلة، ويشق عليهم في الغالب أن يتحرفوا فيها عن الاستقبال، وربما ضاقت عن ذلك، وليس في الصحارى أن يتحرفوا فيها عن الاستقبال، وربما ضاقت عن ذلك، وليس في الصحارى ما يمنعهم من الانحراف، مع ما ذكرناه من أنها لا تخلو م مصل يرى فروجهم وأدبارهم.
ويجوز أن نقول: قد اتفقنا على جواز الاستدبار في البنيان، فكذلك الاستقبال، بعلة أنَّه مستقبل بأحد فرجيه القبلة من وراء حائل يخففه.