وغيرها لم يمنع من أن يكون ممنوعاً من الاستقبال والاستدبار، فكذلك الحائل في البنيان لا يمنع أن يكون ممنوعاً منه؛ إذ لو أباح له هذا لأباحه له في الصحارى.
فجوابه: أننا نحن لم نجوز له الاستقبال والاستدبار في البنيان لوجود الحائل بينه وبين القبلة، ولكن لوجود الحائل بينه وبين مصل يراه في الغالب، ويرى عورته، وهذا المعنى معدوم في الصحارى، فإن وجد هذا المعنى فيها جاز أن يبول مستقبلاً.
وجملة الأمر: هو أنه قد روي في هذا الباب أخبار تفيد الحظر على العموم، وأخبار تقتضي الإباحة. فمن قال بالحظر في الصحراء والبنيان أسقط أخبار الإباحة، ومن قال بالإباحة في الموضعين جميعاً أسقط أخبار الحظرِ، ونحن نستعمل الجميع فنحمل عموم الحظر على الصحارى، وعموم الإباحة على البنيان، والاستعمال أولى.
وقد روي أن ابن عمر أناخ راحلته، وجلس يبول إلى القبلة، فقيل له: إن النبي ﵇ نهى عن الاستقبال. فقال: ذاك في الفضاء الذي ليس بينك وبينها حائل. فأما إذا كان يسترك عن القبلة فلا بأس.