قيل: أما قياسكم على الصحارى والفضاء، فإن المعنى فيهما أنَّها لا تخلو من مصل في الغالب: فلم يجز خيفة أن تظهر عورته للمصلي، وليس كذلك البناء؛ لأنَّه يمنع من النظر إليه فلهذا جاز.
وقولكم: إن ما تعلق بحرمة الكعبة يستوي فيه حكم الصحراء والبنيان كاستقبال القبلة للصلاة، فإننا نقول: هذا قياس بحكم مجهول لا يصح، لأنه لا يمكنهم إظهار حكمه؛ لأنَّكم إن قلتم: يستوي فيه البنيان والصحارى في الوجوب لم تجدوا ذلك في الفرع؛ لأنَّ من الفرع عندكم المنع والترك، وإذا قلتم بالمنع في الفرع لم تجدوه في الأصل، لأن حكمه على الوجوب.
وعلى أنه قياس فاسد في الموضوع، لأن الفرع إنما يرد إلى الأصل ليجعل حكم الفرع حكمه، وإن كان حكمه الوجوب جعل حكم الفرع الوجوب، وإن كان حكم الأصل السقوط كان حكم الفرع مثله، فأما أن يكون حكم الأصل بالضد م حكم الفرع فلا يكون قاسياً صحيحاً.
ثم إننا نفرق فيما يقع بحرمة الكعبة بين الصحارى والبنيان، ألا ترى أنه لا يجوز له في البنيان ترك القبلة في الصلاة أصلاً مع القدرة، وإذا كان مسافراً فبان من البيوت جاز له ترك القبلة في النوافل.
وقولكم: إن الحائل بينه وبين القبلة في الصحارى من الجبال