من الإنزال الأول، والغسل يجب بظهور ذلك من بدن الإنسان، فإذا ظهر قبل البول حكمنا بوجوب الاغتسال بالسبب المتقدم.
قيل: أما قلوكم: إنه إذا خرج بعد البول لم يكن من المني الأول وليس كذلك قبل البول. فعنه جوابان.
أحدهما: أنه يجوز أن يتولد بعد انقطاعه قبل البول، كما يتولد بعد البول؛ لخروجه عن صفة الأول المقارن للذة.
والجواب الآخر: هو أنه إذا ظهر قبل البول فإنه لا حكم له لعدم اللذة وإن كان الأول قد مضى على صفته، فلو أن هذا بقية الأول لوجب أن يكون فيه شيء من اللذة، فلما عدمت اللذة منه جملة فارق حكمه حكم الأول وإن كان ضربا من المني. ألا ترى أن المذي هو ضرب من المني؛ لأنه يتولد عن الشهوة، فإذا كان المذي هو ضرب من المني يتولد عن الشهوة، مع هذا لا يوجب الغسل، فالمني الذي هذه صفته، وإنما هو ضرب من ذلك المني غير أنه لا شهوة معه، ولم يخرج ملتذا به أولى أن لا يجب فيه الغسل، والله أعلم.
فإن قال قائل ممن لا يفصل بين قبل البول وبعده: وجدنا الصائم ممنوعا من الأكل وهو يفسد، وكذلك يفسده الإنزال للذة في اليقظة على وجه، ثم لو أكل شيئا غير ملتذ، وأنزل فيه غير ملتذ عند مباشرة لكان مفسدا لصومه وعليه القضاء، ولم يجز أن يقال: إن موضوع ذلك على الانتفاع بما يأكله، وكذلك لو بلع حصاة، فكذلك لا ينبغي أن تراعى في مسألتنا اللذة.