وأشد ظفر رأسي فأنقضه للغسل؟. قال:(لا، إنما يكفيك أن تحثي عليه ثلاث حثيات من ماء، ثم تفيضي الماء عليك فإذا أنت قد طهرت)، فأخبر بأنه متى وجد إفاضة الماء أجزأ؛ لأن الطهارة تقتضي طهارة مطلقة.
وقد قال لأبي ذر:(الصعيد الطيب وضوء المؤمن ولو لم يجد الماء عشر حجج، فإذا وجد الماء فليمسه بشرته)، ولم يأمر بالدلك.
قيل: أما قوله - تعالى -: ﴿حتى تغتسلوا﴾، فهو حجة لنا؛ لما بيناه من الفرق بين اسم الغسل والصب والغمس والمس، وإذا أفاض عليه ولم يمر يده لم يقل: قد اغتسل حقيقة، فإن سمي به فهو مجاز.
وأما حدثيث أم سلمة فإنما أعملها أن الفرض في رأسها بل الشعر دون غسل ما تحته، وقوله لها:(ثم تفيضي عليك الماء) فإنه لا ينافي ما قلناه. ألا ترى أن الإفاضة قد تصيب بعض البدن، وقد لا تصيب بعضه، ولا نعلم بوصول الماء إلى تحت الآباط وما غمض بالإضافة دون إمرار اليد، وإنما قصد بالخبر أن لا تنقض شعرها، فأما صفة الغسل فهو مأخوذ من قوله: ﴿حتى تغتسلوا﴾.
وقوله لأبي ذر:(إذا وجدت الماء أمسسه بشرتك) يدل على صحة قولنا؛ لأن الهاء في (أمسسه) كناية عن الماء، فقال:(أمسسه بشرتك) فيحتاج أن يكون باليد؛ لأن حقيقة المس إنما تكون باليد.