قيل: هذا كله - عندنا - محمول على الكراهية؛ لأنه يصير ماء مختلفا فيه، وليس هذا في الماء الكثير الراكد الذي هو كالغدير الكثير، وأكثر من القلتين فإن البول النجس إذا لم يؤثر فيه جاز استعماله، فالمستعمل أولى بجوازه، فإذا جاز هذا في الكثير مع عدم التأثير في عينه ففي القليل كذلك؛ لعدم التأثير في عينه، وهذا يطرد لنا نحن في قليل الماء وكثيره، كما نقول في النجس الذي لا يغير الماء: لا فرق بين قليله وكثيره، وعكسه أن يؤثر في قليله وكثيره فيتفق الحكم فيه.
فإن قيل: فإن إجماع الصحابة معنا؛ لأن النبي ﷺ سافر وسافر معه أصحابه، وسافروا بعده ﵇ وخرجوا إلى الغزوات، وعدموا الماء فيها، فلم ينقل أنهم أو بعضهم توضؤوا بالماء المستعمل، ولا جمعوا الماء بعد استعماله ليتوضؤوا به، فعلم ما ذكرناه، ولو جاز ذلك لوجب عليهم أن يجمعوه ولا يتيمموا؛ لأن الله - تعالى - أباح لهم التيمم عند عدم الماء، وهم - عندك - قادرون عليه بأن يجمعوه ليتوضؤوا به.