قيل: هذا لا يلزم؛ لأن أصحاب رسول الله ﷺ كانوا يسافرون، وفي الغالب أن الأواني التي يجمع فيها الماء يتعذر وجودها في السفر، وإنما يكون معهم ما فيه فيتعذر فلم يؤخذ عليهم ذلك. ألا ترى أنهم لم يجمعوه للشرب الذي ضرورته أشد من ضرورة الوضوء؛ لأن للوضوء بدلا هو التيمم، ولا ينوب مناب الماء في شربه شيء، ومع هذا فإننا نقلب ذلك فنقول: لما لم ينقل عنهم أنهم جمعوه للشرب، وحاجتهم إليه أشد وجب أن لا يجوز شربه على قود قولكم، فلما جاز شربه بالإجماع مع أنه لم ينقل عنهم جمعه كان الاستعمال أولى.
وأيضا فقد يجوز أن يكون فيهم من جمعه وتوضأ به، كما يجوز أن يكون فيهم من جمعه ليشربه، ولم ينقل.
وعلى أن استعماله مكروه - عندنا - فعفي لهم عن جمعه واستعماله.
فإن قيل: إنما ل يجمعوه للشرب؛ لأن أنفسه تعاف شربه.
قيل: هم يشربون في السفر الماء الآجن، والماء الذي تحمله الميتة، والنفوس تعافه أشد من هذا، وأيضا فإن النفوس تعاف ما جددت به الطهارة ولم يؤثر فيعينه، سواء كان وضوؤه من حدث أو تجديدا