إناء، والإناء مجاور لشيء فيه نجس له ريح، فأثر ذلك في ريح الماء المفرد في الإناء المجاور له لم يمنع الوضوء به؛ لأنه لم يحل من جسم النجاسة فيه شيء.
وقولكم: لو تغير الماء بمكثه لم يمنع جواز الوضوء به فكذلك إذا حصل بحادث منتقض بحلول النجاسة فيه إذا غيرته.
وكذلك قولكم: إن الماء قد يكون متغيرا في أصل خلقته فوجب أن يكون الحادث بمنزلته كالملوحة، فإنه أيضا منتقض بحلول النجاسة فيه إذا غيرته.
على أن الملوحة إن كانت من ملح طرح فيه حتى يغير طعمه فلو قلنا: لا يجوز الوضوء به لم تكن لكم حجة، ثم لو جوزناه لكان الملح من جنس الأرض؛ لأن التيمم يجوز عليه، فهو كالطين والرمل الذي هو من الأرض، لأن الملح من السباخ.
ويجوز أن يحتج في أصل المسألة بقول النبي ﷺ:(خلق الله الماء طهورا لا ينجسه شيء إلا ما غير طعمه أو لونه أو ريحه)، والاستدلال به من وجهين.
أحدهما: أن النجس في اللغة هو المبعد، فكأنه قال: الماء لا يبعده إلا ما غير طعمه أو لونه أو ريحه، فينبغي أن يكون هذا الماء مبعدا لما غيره، وما يتوضأ به لا يكون مبعدا.
والوجه الآخر: هو أنه ﵇ نبه على أن الشيء الذي يحل في الماء فيغيره له تأثير في منع الوضوء به؛ لاتفاقنا على أن أجزاء الطاهرات