فإن قيل: رأينا المحرم ممنوعا من استعمال الطيب على بدنه، فلو أنه أطلى بخلوق لأجزاه أن يزيله بالخل، كما يجزئه بالماء، فدل على أن المائعات تعمل عمل الماء في العبادات غير إزالة الحدث.
وأيضا فإذا أزيلت بمائع طاهر فإنها عين من النجاسة قد عدمت من الثوب في حال الصلاة فوجب أن يحكم بجوازها. دليله القطع، يعنون إذا قطعت عين الموضع من الثوب.
قيل: أما زوال الخلوق من ثوب المحرم بالخل فهو دعوى، ولا أعرف فيه نصا عن مالك ﵁.
فإن قلنا: إنه لا يزول إلا بالماء سقط السؤال. وإن قلنا: يجوز. فليس الطبيب نجسا يمنع من الصلاة فيه، وإنما منع منه مع كونه طاهرا؛ لئلا يلتذ بريحه فتدعوه نفسه إلى الجماع، أو يخرج به عن قشف الإحرام ومتعته، وخلافنا وقع في إزالة نجس، فإن كان ذلك من أجل سقوط الفدية وجبت بحقوله إن علم به ولم يزله، وإن أزاله فهو كما يزيله بالماء النجس، فإن الفدية تسقط كما تسقط بزواله بالخل، والأنجاس فلا تزول بالماء النجس.
وأما قطع موضع النجاسة فهو أبلغ من الماء؛ لأن العين والأثر ينقلع لا محالة، فلا يحصل مصليا بما فيه خلاف، كما لو طرح الثوب جملة ولم يصل فيه. وإذا غسله بمائع فإن النجس - عندنا - لم يفارقه؛ لأن المائع ينجس، فإن انقلعت تلك العين النجسة خلفتها نجاسة أخرى، فهو كما يزيل العين بالبول.