بالنجس فإنه نجس فيجب إذا لم يتغير أن لا يختلف أيضا في قليله وكثيره.
ويحقق هذا: قوله ﵇: (خلق الله الماء طهورا لا ينجسه شيء إلا ما غير طعمه أو لونه أو ريحه)، وبهذا تنتظم الدلالة على أبي حنيفة والشافعي.
فإن قيل فأنتم قد فصلتم بين قليل الماء وكثيره، وقلتم: لا يبولون في الدائم ثم يتوضأ منه، وقد فرقتم بينه وبين البرك العظام فقلتم: لا بأس به فيها، فحملتم الخبر على الكراهية في القليل، واستعملتم قوله ﵇:(خلق الله الماء طهورا لا ينجسه شيء) على الكثير منه، فصرتم إلى مثل قولنا في الفصل، فقولنا أحسن؛ لأننا فصلنا بين القليل والكثير بفصل معلوم، وأنتم لم تفعلوا ذلك، فلم ينحصر مذهبكم لعدم الفصل الصحيح بين الماءين.
قيل: إننا لن نفصل بين القليل والكثير في تطهير ولا تنجيس، وجعلناهما سواء في الأمرين جميعا، وإنما فصلنا بينهما في الكراهية؛ لأجل خلف الناس في القليل، فإن مالكا ﵀ لا يقطع على مسائل الاجتهاد أن الحق عند الله - تعالى - فيما يقول دون ما ذهب إليه من خالفه؛ لأنه غلبة ظن يجوز أن يكون مخالفه فيه مصيبا، وهو مخطئ عند الله - تعالى - خطأ يعذر به، فاستعمل خبر البول في الماء والوضوء منه على الكراهية؛ لأن هذا الضرب نم الاجتهاد يجوز.