قيل: وأي حاجة بنا إلى دباغ اللحم والجلد إن كانت النجاسة تزول بعد الموت. فالغسل يكفي فيهما. ألا ترى أنهما في الذكاة على طريقة واحدة، لو أصاب اللحم دم زال بالغسل كما يزول من الجلد، ونحن نعلم أن كل نجاسة تكون في لحم المذكي أو الميت لو نقعت في الماء المسخن أو غيره من الماء والملح والخل، وطال مكثه خرجت كل نجاسة فيه، وقد كان يمكن أن ينقع في الماء والأشنان وغيره مما يقلع النجاسات أكثر مما يقلعه الشب والقرظ، ويثبت مع ذلك ولا يفسد، فلما كان هذا كله لا يزيل نجاسة اللحم؛ لأنها بالموت حصلت، كذلك الجلد لحصول الموت فيه، وعلمنا بهذا أن الشب والقرظ أدخل في الجلد؛ لأنه تصير عليه غشاوة يمكن استعماله معها على وجه ليطول بقاؤه والانتفاع به لا أنه يصيره طاهرا بذلك.
على أنهم يدبغون المذكي أيضا لحاجتهم إليه.
وعلى أن قياسنا إياه على اللحم أولى؛ لأننا رددنا من نجس بالموت إلى مثله، ورددنا جزءا اكتساه جزء مثله؛ لأنه اكتساه جزء منه نجس، وهو اللحم، والجميع يحله الموت.
ولا يلزمنا على هذا الصوف والشعر؛ لأن الحياة والموت لا يحلان فيهما.
ثم إن الاعتبار الصحيح معنا؛ لأننا وجدنا الجلد مساويا للحم حيث كان، فهما بمنزلة واحدة لو قطعا من الحي، وبمنزلة واحدة في الذكاة، فكذلك ينبغي أن يكون بمنزلة واحدة بعد الممات؛ لأنهما ميتان إذا قطعا في حال الحياة، ميتان في حال موت الحيوان، فلا ينبغي أن