إذا دبغ جاز أن نتخذ منه بيوتا نستخفها يوم ظعننا ويوم إقامتنا، وإنما تمنع من بيعه على إحدى الروايتين كما تمنعون من أكلة، وننتفع بالصوف والشعر كما كنا ننتفع به في حال الحياة، وصرنا أسعد منكم؛ لأن الامتنان من الله - تعالى - لم يفرق فيه بين الحياة والموت، وصار المباح من الآية الانتفاع بالجلد في حال الذكاة، وبالدباغ في الموت، وحصل الانتفاع بالصوف والشعر على كل حال في الحياة والذكاة والموت، كما جاز الانتفاع به في حال الحياة وإن لم يجز ذلك في الجلد، فيكون هذا أبلغ وأعظم في الامتنان لكثرة المنفعة به.
وقولكم: إن الميتة تتناول الجملة وكل منها، وأنه نص في ذكر الميتة، ولا ذكر للميتة في الآية الأخرى، وأن تخصيص الميتة يقضي عليها فإننا نقول: إن قوله - تعالى -: ﴿ومن أصوافها وأوبارها وأشعارها﴾ تخصيصا لذكر الصوف والشعر، وليس في ذكر الميتة تخصيص لذلك، فقد حصل معنا خصوص في ذكر الصوف والوبر والشعر، وحصل في الآية التي معكم خصوص ذكر الميتة، فصار خصوص آيتكم يقضي على عموم آيتنا، وخصوص آيتنا يقضي على عموم آيتكم، فننظر أينا أولى. فوجدنا النص ورد بذكر الصوف والوبر والشعر الذي فيه اختلفنا، وليس في آيتكم ذكره صريحا، والخلاف حاصل في الشعر هل يحله الموت أو لا؟، فاستعمالنا أولى.
ويقوي استعمالنا أيضا أن النبي ﷺ قال: (ما قطع من حي