فلما كان الشعر يفارق سائر أبعاضه في حال حياته فارق سائر أبعاضه في حال مماته. ألا ترى أنه لو قطع عضو منه في حال حياته كان بمنزلته في حال مماته، فعلم مخالفة الشعر لسائر أبعاض الميتة.
وأيضا فإن تأثير الموت في الجلد الذي هو محل الشعر أبلغ من تأثيره في الشعر. ألا ترى أنه في إبطال الحسن منه، ووصول الألم إليه، وتوكد الإجماع في تحريمه.
فإذا لم يوجب نجاسة الشعر في الحال التي فيها ألم الجلد فلأن لا ينجس في حال انقطاع الحس عن الجلد الذي هو محل الشعر أولى.
وأيضا فإن صفة الشعر في نفسه لما لم يتغير بموت الأصل عما كان عليه لم يعتبر نفس انقطاع النماء فيه، دليله: الجنين لما كان باقيا على حالته لم يكن انقطاع النماء موت الأصل مانعا نم طهارته.
فإن قيل: الجنين في وعاء، والشعر على عين نجسة.
قيل: لا فرق بينهما؛ لأن الشعر على وهاء ينمي بنمائه، فإذا انفصل انقطع نماؤه من الأصل، والجنين في وعاء ينمي بنمائه، فإذا انفصل منه انقطع نماؤه من الوعاء فإذا انفصل من الأصل في حياته فهو كانفصال الشعر منه والنماء منقطع عنهما جميعا من الأصل.
ويجوز أن نجعل الجنين أصلا فنقول: هو عين ينفصل في حال حياة الأصل فيحكم بطهارتها، فكان انفصالها بعد الممات على تلك الصفة وفي حكمها، وهذا المعنى موجود في الشعر.