وأيضا: فإنه لما وجب غسل ما زاد على قدر الدرهم وما دونه في حكمه، لأنه من جنسه في الموضع الذي لا تتعلق بها ضرورة وليس غرضنا في هذه المسألة أن إزالة النجاسة فرض، ولا التفرقة بينها وبين إزالة النجو، وأن ذلك يزال بجامد والباقي مائع، وإنما الغرض الجمع بين القليل والكثير، فهو في النجو وغيره سواء في حكم الإزالة إما فرضا أو سنة فكذلك في سائر البدن إذا لم يتعلق بموضع ضرورة.
ولأن ما يخرج على طريق المرض فقليله وكثيره ربما اتفق وربما اختلف، وفي سائر الدماء سوى دم الحيض فقليله يخالف كثيره لموضع الضرورة، وهو أن الإنسان لا يخلو في غالب حاله من بثرة أو دمل أو ذباب أو برغوث فعفى عن القليل منه، ولأجل هذا حرم الله - تعالى - المسفوح منه فقال: (﴿أو دما مسفوحا﴾، فدل على أن غير المسفوح ليس بمحرم، وأحل - تعالى - من جنسه الكبد والطحال.