فإن استدلوا بقوله - تعالى - ﴿يا أيها الذين آمنوا لا تقربوا الصلاة وأنتم سكارى حتى تعلموا ما تقولون ولا جنبا إلا عابري سبيل حتى تغتسلوا﴾، وأن المراد منه مكان الصلاة؛ لأنه هو الذي يقرب لا نفس الصلاة، فتقديره: لا تقربوا مكان الصلاة جنبا إلا عابري سبيل، والعابر هو المجتاز.
قيل: إذا أمكن أن يحمل الظاهر على حقيقته لم يصرف المجاز، والظاهر المذكور هو نفس الصلاة، فقوله - تعالى - ﴿لا تقربوا الصلاة﴾ أي لا تصلوا، كما قال: ﴿ولا تقربوا الزنا﴾ معناه: لا تزنوا، فتقدير الآية: لا تصلوا وأنتم على حال سكر (وجنابة) حتى تعلموا ما تقولون في الصلاة، ولا جنبا إلا عابري سبيل، وهو إذا كنتم متيممين عند عندم الماء أو تعذر استعماله في السفر، وعلى هذا تأوله علي بن أبي طالب ﵁؛ لأن عابر سبيل هو الغريب المسافر، كما قيل فيه: ابن سبيل، فقد حملنا الظاهر على حقيقته في الصلاة، ولم نحمله على المكان الذي لم يجر له ذكر، وإنما يدعون أنه مضمر، فإذا تنازعنا الظاهر، وصرفناه إلى حقيقته لم يصح لهم دلالة في جواز