دخوله المسجد، والخلاف واقع فيه فصحت أدلتنا في أن الجنب لا يدخل المسجد.
فإن قيل: فإن المسجد قد سمي باسم الصلاة في قوله: ﴿لهدمت صوامع وبيع وصلوات ومساجد﴾، فإذا احتمل الأمرين جميعا - ما تقولون وما نقول - جاز أن نحملها على العموم فنقول: لا تقربوا الصلاة وأنتم سكارى ولا مكان الصلاة على هذا الحال إلا عابري سبيل.
قيل: إن الحقيقة في الظاهر هو الصلاة على ما ذكرناه، وليس تتناول حقيقته المكان، بل هو مجاز، لا يجوز ادعاء العموم في حقيقته المجاز بلفظة واحدة.
على أننا نحن نحمله أيضا على عمومه من هذا الطريق فنقول: لا تقربوا الصلاة ولا مكانها على هذا الحال إلا أن تكونوا مسافرين فتيمموا واقربوا ذلك وصلوا، ونكون بهذا أسعد منكم؛ لأن فيه تعظيما لحرمة المسجد، وبمثل ذلك تأوله علي - وهو إمام هدى -.
وفيه أيضا أن عابر سبيل إذا أطلق للمسافر حقيقة لا للحاضر، بل إذا أطلق قوله: عابر احتمل ما يقولون، وإذا أضيف إلى سبيل فهو المسافر أخص، وإن احتمل الحاضر أيضا فنحن نقول: إن الحاضر إذا عدم الماء أو تعذر عليه استعماله وخاف فوت الوقت تيمم ودخل المسجد وصلى، فيكون قوله - تعالى -: ﴿عابري سبيل﴾ مصروفا إلى الحاضر على هذا الوجه، وإلى المسافر على هذا الوجه، فيحتمل