فإن قيل: قوله: ﴿عابري سبيل﴾ مضافا إلى منكر، فأي سبيل كان جاز، مسافرا أو غير مسافر.
قيل: لا فرق بين أن يضاف إلى منكر أو معروف، وهذا بمنزلة قولنا: ابن سبيل منكرا لا يعقل منه إلا المسافر، كقوله: ابن السبيل، فصار تقدير قوله: ﴿عابري سبيل﴾ أي ابن سفر ما، وابن السبيل ابن السفر.
على أننا قد ذكرنا أننا نستعمله على الحاضر وأيضا إذا عدم الماء وتيمم جاز له دخول المسجد وهو جنب؛ لأن التيمم لا يرفع الجنابة.
وأشد ما في الباب أنه إذا احتمل ما تقولون وما نقول قضينا عليه بالخاص الذي لا يحتمل، وهو قوله ﵇:(فإني لا أحل المسجد لحائض ولا جنب)، ومعناه: لا أحل فيه فعل حائض ولا جنب على كل حال من دخول واجتياز واستدامة وصلاة وقراءة قرآن وغير ذلك؛ لأنه لم يرد أن عين المسجد ونفسه محرمة؛ ى لأن ذلك لا يقع عليه تحليل ولا تحريم، وإنما الحلال والحرام فعلنا فيه، بمنزلة قوله: ﴿حرمت عليكم الميتة﴾، و ﴿حرمت عليكم أمهاتكم﴾، وإنما المحرم فعلنا فيهن الذي هو تزوجهن، والمحرم أكل الميتة، والتصرف فيها لا أن نفس الأعيان محرمة، فإذا كان هذا هكذا قضينا بهذا النص في ذكر المسجد على