فإن قيل: فإن دخول الحرف الزائد فيه لا بد له من فائدة، وإلا كان دخوله وخروجه بمنزلة واحدة، ونحن إذا جعلنا الباء للتبعيض جعلنا لها فائدة، وأنتم تجعلون دخولها لسقوطها.
قيل له: لعمري إن استعمالها على فائدة أولى، وإن كانت تدخل في مواضع زوائد كقولهم: دخلت البيت، وشكرتك وشكرت لك، ونصحتك ونصحت لك، غير انَّنَا نجعل لها فائدة صحيحة، وهي التأكيد، ومعنى التأكيد: أنَّه قد كان يجوز أن يظن ظان أن المسح لمت كان أخف من الغسل أنه يجوز الاقتصار في مسحه على البعض.
فقيل: وإن كان المسح أخف من الغسل فلا بد من استيفاء المسح في جميعه، كما قال -تعالى - ﴿وَشَجَرَةً تَخْرُجُ مِنْ طُورِ سَيْنَاءَ تَنْبُتُ بِالدُّهْنِ﴾، وهذه فائدة صحيحة، ولا ينبغي أن تقترح علينا كل فائدة.
فإن قيل: فإن الله -تعالى - لما قال: ﴿وَامْسَحُوا﴾ كان هذا عموماً في المسح، فأي مسح أوقعه جاز، قليلاً كان أو كثيراً.
قيل: لو تجرد ذكر المسح من غير أن يلصق بشيء لكان كما تقولون، فأمَّا إذا الصقه بشيء وجب أن يستوفي المسح في ذلك الشيء إلا أن تقوم دلالة، كما قال: اشتر حاجة بدرهم، أو اخدمني بدرهم، لوجب أن يستوفي الدرهم، وإن كان لو تجرد قوله: اخدمني، لوقعت الخدمة على القليل والكثير، فإذا قال: بدرهم، وجب أن يستوفي الخدمة بدرهم لا ببعضه.