ووجه الرواية الأخرى - وهي الصحيحة -: هو أنه طاهر غير جنب قبل ظهوره فلا يحكم له بحكم الجنب إلا بدليل، وما صلاة فلا تجب إعادته؛ لأنه أداه على ما كلف.
وأيضا فإن النبي ﵇ قال:(لا صلاة إلا بطهور)، و (لا صلاة إلا بفاتحة الكتاب)، وهذا قد تطهر وصلى وقرأ فصحت له الصلاة.
وأيضا فإن الجنب في الشريعة هو الذي لا يجوز له دخول المسجد مع القدرة على الغسل، ولا الصلاة، ولا قراءة القرآن ولا مس المصحف، وهذا قبل ظهور المني منه تجوز له هذه الأمور كلها إذا توضأ للجسة والقبلة التي قارنتها اللذة، فإذا توضأ فليس بجنب، وقد جاز له فعل جميع ما ذكرناه وصلى، وله أن يصلي وإن لم يغتسل قبل ظهور هذا المني، فلس يتناوله اسم جنب بحق الإطلاق.
وأيضا فقد دللنا على أن وجود المني إذا عري عن اللذة لا يوجب الغسل، ولا يكون به جنبا، فكذلك إذا عريت اللذة عن ظهور المني لم يكن لها حكم، وصار الحكم واجبا بوجودهما جميعا مقترنين في حالة واحدة، وكذلك حكم سائر الأحداث لا تعتبر فيه مفارقة الحدث موضعه، وإنما يعتبر خروجه. ألا ترى أن الطعام ينهضم بعد استحالته فينحدر إلى المعي السفلي، وكذلك يستحيل الماء ثم ينحدر إلى