هذه الأحاديث هي الأصل في مقدار ما تقطع به يد السارق، ويظهر بين حديث عائشة وحديث أبي هريرة تعارض، ووجه الجمع بينهما أن حديث عائشة ﵂ نصٌّ في أنه لا قطع فيما دون ربع دينار، وحديث أبي هريرة ﵁، أحسن ما قيل في الجواب عنه: أن سرقة البيضة والحبل وإن كان لا قطع فيهما على ما دلَّ عليه حديث عائشة، فسرقتهما تجر إلى سرقة ما فوقهما، وتجر إلى سرقة ما يجب به القطع، وقوله في الحديث:«فَتُقْطَعُ يَدُهُ» أي: باعتبار المآل.
وفي الأحاديث فوائد؛ منها:
١ - تحريم السرقة.
٢ - أن حدَّ السرقة قطعُ اليد.
٣ - أن نصاب السرقة ربع دينار فصاعدًا، وهو الموجب للقطع، فلا قطع فيما دونه. وروايات حديث عائشة متطابقة، وأقواها في الدلالة وأوضحها رواية مسلم:«لَا تُقْطَعُ يَدُ سَارِقٍ إِلَّا فِي رُبُعِ دِينَارٍ فَصَاعِدًا».
٤ - أنه لا قطع في سرقة ما دون ربع دينار، والدينار من الذهب، ويعادله اثنا عشر درهما من الفضة.
٥ - ثبوت القطع فيما قيمته ثلاثة دراهم، وهي تعادل ربع دينار. ومعنى:«فَصَاعِدًا» أي: فأكثر.
٦ - أن سرقة ربع دينار تبيح قطع يد المعصوم.
٧ - أن المعتبر في نصاب السرقة: الذهبُ، وربعُ الدينار: هو ربع مثقال، ويساوي جرامًا وثمن الجرام.
٨ - أن سرقة البيضة تجر إلى سرقة ما فوقها. وتفسير البيضة ببيضة الحديد تكون على الرأس، وبالحبل حبل السفينة، تأويلٌ بعيد؛ لأنه خلاف الظاهر.