هذا الحديث أصل في مفارقة المشركين في المكان، كما تجب مفارقتهم في الدين، ﴿لَكُمْ دِينُكُمْ وَلِيَ دِين (٦)﴾ [الكافرون: ٦].
وفي الحديث فوائد؛ منها:
١ - تحريم الإقامة بين ظهرانَي الكافرين من المشركين وغيرهم، والمراد الإقامة الدائمة، لا العارضة، ويقيد هذا الحكم بما إذا لم يقدر على إظهار دينه، أما إذا قدر على إظهار دينه فلا تحرم عليه الإقامة، إلا أن يترتب على ذلك مفسدة في أمر دينه في نفسه أو أهله، لسبب المخالطة.
٢ - وجوب الهجرة من أرض المشركين، وذلك إذا لم يقدر الإنسان على إظهار دينه بإقامة شعائر الإسلام؛ كالصلاة والأذان، وبالدعوة إلى الله، وهي الدعوة إلى الدخول في دين الله، وخُصَّ من هذا المستضعفون؛ لقوله تعالى: ﴿إِلاَّ الْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاء وَالْوِلْدَانِ﴾ [النساء: ٩٨] الآية.
٣ - أن الإقامة بين المشركين على الوجه المذكور من كبائر الذنوب؛ لقوله:«أَنَا بَرِيءٌ»، أما من أظهر موافقتهم على دينهم خوفًا منهم مع قدرته على الهجرة؛ فإنه يكفر بهذه الموافقة.
* * * * *
(١) أبو داود (٢٦٤٥)، والترمذي (١٦٠٤)، والنسائي (٤٧٩٤).