للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

(١٥٧) وَعَنْ أُمِّ عَطِيَّةَ قَالَتْ: «كُنَّا لا نَعُدُّ الْكُدْرَةَ وَالصُّفْرَةَ بَعْدَ الطُّهْرِ شَيْئًا». رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ، وَأَبُو دَاوُدَ، وَاللَّفْظُ لَهُ (١).

* * *

هذا الحديث عن أمِّ عطيَّة، وحديث عائشة ، وهو قولها للنِّساء: «لا تعجلن حتَّى ترين القصَّة البيضاء» (٢).

هذان الأثران هما الأصل عند العلماء في حكم الصُّفرة والكدرة.

والمراد بالصُّفرة والكدرة: دمٌ خفيفٌ يشبه غسالة اللَّحم، تفرزه الرَّحم في أيَّام عادة المرأة في أوَّلها أو في آخرها، وفي غير أيَّام العادة، وقد اختلف العلماء في حكم الصُّفرة والكدرة اختلافًا كبيرًا، والجمهور على أنَّهما في زمن العادة حيضٌ، وفي غيرها ليست حيضًا، كما يفهم من منطوق ومفهوم قول أمِّ عطيَّة .

فمنطوقه أنَّ الصُّفرة والكدرة بعد الطُّهر ليست من الحيض، فلا تمنع ممَّا يمنع منه الحيض، ومفهوم ذلك أنَّ الصُّفرة قبل الطُّهر حيضٌ، وهذا يوافق قول عائشة للنِّساء: «لا تعجلن حتَّى ترين القصَّة البيضاء»، والمراد بالقصَّة: ماءٌ أبيض تدفعه الرَّحم يدلُّ على انقطاع الدَّم، وبه تعرف المرأة الطَّهارة.

وذهب ابن حزمٍ إلى أنَّ الصُّفرة والكدرة ليست حيضًا مطلقًا (٣)، وإنَّما دم الحيض هو الأسود الثَّخين المنتن، وفرَّق بعضهم بين ما اتَّصل بالدَّم في أوَّل العادة، فلم يجعله حيضًا، دون ما اتَّصل به في آخرها؛ فهو حيضٌ.

وذهب بعض العلماء إلى أنَّه لا اعتبار إلَّا للمتَّصل فقط، سواءٌ أكان قبل الدَّم أم بعده، فذلك حيضٌ عندهم، كما يدلُّ له قول عائشة : «لا تعجلن


(١) البخاري (٣٢٦)، وأبو داود (٣٠٧).
(٢) رواه البخاري معلقًا مجزومًا به (١/ ١٢٠)، ووصله مالك في «الموطأ» (١٨٩).
(٣) ينظر: «المحلى» (١/ ٣٨٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>