للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

من يحفظه من بين أقرانه نابغًا»؟، وكان الحافظ قد صنفه في أول الأمر لابنه محمد؛ كما ذكر ذلك تلميذه السخاوي (١)، ويبدو -والله أعلم- أنه كانت له فيه نية حسنة، ومقصد صالح؛ إذ وُضع لهذا الكتاب القبول، واشتهر في الأمصار، كاشتهار الشمس في رائعة النهار، وتناوله العلماء من أهل المذاهب الفقهية المختلفة بالشرح والتعليق، وصار الكتاب منطلقًا لتدريس السنة والفقه ونفع الله به الأمة نفعًا نرجو أن يعود بره إلى مؤلفه، والله لا يضيع أجر من أحسن عملًا.

ومن آثار العناية ب «بلوغ المرام»: ما رأيناه من الشروح التي كتبت عليه وقد صدر منها طائفة لعدد من العلماء من المتقدمين والمتأخرين، ولكل درجات مما عملوا، وهذه الشروح -على التحقيق- يُكمِّل بعضها بعضًا، ولا يغني شرح عن شرح لدى العالم المفيد، والطالب المستزيد؛ وإن كان بعضها أتم من بعض وأجمع؛ لأن مادة الكتاب هي من الكلام النبوي، والمنهل العذب الروي؛ فإن كلام النبي مبارك كثير العطاء، وكلما زدته نظرًا، زادك معنى؛ قال شيخ الإسلام ابن تيمية : «من أصغى إلى كلام الله، وكلام رسوله بعقله، وتدبره بقلبه، وجد فيه من الفهم والحلاوة، والبركة والمنفعة .. ما لا يجده في شيء من الكلام؛ لا منظومه، ولا منثوره» (٢).

وإن ممن اعتنى بهذا الكتاب المبارك في هذا العصر شيخنا العلامة أبا عبد الله عبد الرحمن بن ناصر البراك -وفَّقه الله لمرضاته، ومتَّعنا الله بحياته-؛ إذ حفظه يافعًا، وتفقه به على شيوخه الأماجد، ثم درَّسه سنين عددًا في المساجد، وفي كلية الشريعة في جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية، وصارت له به عناية خاصة.


(١) في «الجواهر والدرر، في ترجمة شيخ الإسلام ابن حجر» (٣/ ١٢٢٠).
(٢) «اقتضاء الصراط المستقيم» (٢/ ٧٤٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>