للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وقد دلَّ على مشروعيَّة صلاة الضُّحى سننٌ قوليَّةٌ وفعليَّةٌ، فأمَّا القوليَّة؛ فما جاء في وصيَّة النَّبيِّ لأبي هريرة (١)، وقوله : «يُصْبِحُ عَلَى كُلِّ سُلَامَى مِنْ أَحَدِكُمْ صَدَقَةٌ» وفيه: «وَيُجْزِئُ مِنْ ذَلِكَ رَكْعَتَانِ يَرْكَعُهُمَا مِنَ الضُّحَى» (٢)، وحديث زيد بن أرقم المذكور في الباب. وأمَّا الفعليَّة؛ فهذه الأحاديث الَّتي ساقها الحافظ ، عن عائشة .

وهذه الأحاديث تدلُّ على أنَّ النَّبيَّ لم يكن يداوم على صلاة الضُّحى، ولم يكن يداوم على عددٍ معيَّنٍ من الصَّلاة؛ فتارةً يصلِّي الضُّحى أربعًا، وتارةً ثمانيًا، وثبت أنَّه صلَّى ضحى يوم الفتح بمكَّة ثماني ركعاتٍ (٣)، لكن قال بعض أهل العلم: إنَّ هذه صلاة الفتح؛ أي صلَّى هذه الصَّلاة شكرًا لله ﷿ على نعمة الفتح.

لذا اختلف العلماء: فذهب الجمهور إلى استحباب صلاة الضُّحى واستحباب المداومة عليها، وكره بعضهم المداومة عليها. واختار شيخ الإسلام استحباب المداومة عليها لمن لا يقوم آخر اللَّيل؛ أخذًا من وصيَّة النَّبيِّ لأبي هريرة (٤)، وقد أوصاه أن يوتر قبل أن ينام.

والرَّاجح -والله أعلم-: هو القول الأوَّل، وهو أنَّه يستحبُّ المداومة عليها، لحديث أبي هريرة وأبي ذرٍّ ، وأمَّا حديث عائشة : «ما رأيت رسول الله يصلِّي سبحة الضُّحى قطُّ، وإنِّي لأسبِّحها» فأحسن ما يقال في الجواب عنه: إنَّه مرجوحٌ في مقابل الأحاديث الصَّحيحة من فعله وقوله، فإنَّه لا


(١) رواه البخاريُّ (١٩٨١)، ومسلمٌ (٧٢١)، عن أبي هريرة قال: «أوصاني خليلي بثلاثٍ … وركعتي الضُّحى … ».
(٢) رواه مسلمٌ (٧٢٠)، عن أبي ذرٍّ .
(٣) رواه البخاريُّ (٣٥٧)، ومسلمٌ (٣٣٦)، عن أمِّ هانئ ، وذلك حين ذهبت إلى رسول الله تشتكي عليًّا ، وتطلب منه أن يجير من أجارت.
(٤) «الفتاوى الكبرى» (٢/ ١٢٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>